تلفازنا الصغير!

ظللنا ولسنوات جالسين أمام تِلْفازنا الصّغير، نترقّب خلف جهاز التحكم –الريموت كنترول- وننتظر بشغف نصيبنا من الفائدة والحوار والمتعة والإبهار. وسط زحمة برامج البالغين ونشرات الأخبار ومسلسلات الدراما اليومية.. لازلنا ننتقل من محطة تلفزيونية إلى أخرى، نقتنص الفرص المتاحة، لنروي شيئا من عطشنا التفرجيّ، بما ينمّي رصيدنا الثقافيّ ويحفّز خيالنا ويفجر طاقة الإبداع لدينا، أو يساعدنا على اكتساب مهارات الكلام والحوار.

بمرور السنوات استطعنا أن ننهل مما أتيح لنا أن نشاهده في عدة قنوات، تقدم لنا كشكولا من البرامج، جلّ أبطالها مختلفين عنا شكلا وهوية، رغم لسانهم العربي! والذي لا يتطابق أحيانا مع حركة الشفاه التي ألفناها؛ ساعدتنا هذه البرامج وأفلام الكرتون على سد بعض النقص الذي كنا نبحث عن ملئه من إثارة ومتعة. توطّدت العلاقة بيننا وبين أبطال هذه البرامج التلفزيونية، وبتنا نعيش أحداث الأفلام المشوّقة وقصصها الأسطورية، نتفاعل مع شخصياتها الكرتونية، نقلّد حركاتها ونرسم ونلوّن ملامحها في حصص الإبداع والأشغال اليدوية.

كِدنا نودّع طفولتنا، ونحن لم نروِ بعدُ رمقنا من الترفيه والثقافة، ولم نتشرّب بعدُ أصالة هويتنا العربية والإسلامية..

أهلّ في سماء الإعلام هلال الإنتاج العربي الموجه للأطفال، فتلألأت فرحا أعيننا البريئة، وأطلت من مرآة تلفازنا الصغير صورا جديدة، تعكس لون وجوهنا، وملامحا ترتدي زي حضارتنا الأصيلة.. انتابنا شعور عميق بالانتماء، وروحٌ وطنيّة تحمل بوادر الفخر والتطور والازدهار.. انتعشت شاشات التلفزيون العربية بالكثير من برامج، منها ثقافية وتربوية وترفيهية.. كما أنتجت أناشيد تربوية وتعليمية مسلية.

ومن أبرز البرامج الثقافية أو التعليمية التي تناولت معاني اللغة العربية والنحو، نذكر:

افتح يا سمسم: برنامج تعليمي تربوي من إنتاج مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج العربي، انتج الجزء الأول عام 1979 والثاني عام 1982. وهو مسلسل تعليمي ترفيهي وهو النسخة العربية من مسلسل شارع السمسم (بالإنجليزية Sesame Street)‏
      صوّرت المشاهد الداخلية في الكويت، وصورت المشاهد الخارجية في العديد من الدول العربية والعالم. وشارك فيه عدد من الممثلين العرب والأطفال بالإضافة إلى شخصيات نعمان وملسون وعبلة والضفدع كامل و قرقور وكعكي وأنيس وبدر وهي شخصيات معروفة ومشهورة في العالم العربي. وقد إشترت مؤسسة البرامج المشتركة لدول الخليج العربي حقوق الاسم للجزء الواحد مقابل 1,6 مليون دولار الذي يشمل 130 حلقة في حين تتكفل المؤسسة الخليجية بكل مصاريف الإنتاج. كما إن هناك شخصيات موجودة في النسخة الأمريكية ولكن نعمان وملسون هما شخصيتان خاصتان بالنسخة العربية.

شارة البداية: “إفتح يا سمسم أبوابك نحن الأطفال ** إفتح واستقبل أصحابك نحن الأطفال”

المناهل: برنامج تعليمي وتربوي أردني شهير أنتج للأطفال في سنة 1987 تميز في الإخراج والموضوع، حيث اشتمل على فقرات تعليمية في مختلف الموضوعات، وعرضت بأسلوب مشوق بحيث ترسخ في ذهن الطفل عبر التمثيل المشوق ويزخر المسلسل بومضات كوميدية ساحرة. تعتبر المناهل النسخة العربية لبرنامج الأمريكي الشركة الالكترونية”The Electric Company”.
صوّر المسلسل في استوديوهات الأردن لشركة الأردنية للإنتاج التلفزيوني والأذاعي والسينمائي. استخدم في هذا المسلسل الموقف الساخر وأساليب أخرى لكي ترفع من سقف المتعة وتدخل البهجة على قلوب الأطفال الذين لم يتجاوزا التّعليم الابتدائي لكي يحسنوا التهجئة ويتقنوا فنون القراءة. وقد خُصّص البرنامج للأطفال الذين أصابوا حظا وافرا من مسلسل إفتح يا سمسم ,و يأتي هذا المسلسل مكملا له. وقد كثف في هذا المسلسل العنصر الهزلي.
ومن أمثلة فقرات البرنامج:
مغامرات أبي الحروف: هو منقذ الحروف التي يعبث بها خربوط يخرج أبو الحروف الحروف من بطنه لكي يصحح الكلمات ويعيدها لأصلها.و هي شخصية مقتبسة عن شخصية The Adventures of Letterman  في مسلسل الشركة الإلكترونية ويحمل نفس المعنى تقريبا.
خربوط: هو مفسد الكلمات وهو خصم أبو الحروف اللدود فهو لا يمل ولا يكل من تغيير الكلمات.
الفريق السري :
زيد وعامر : صديقان تقع بينهما مواقف كوميدية.
مطبخ فرحان: يصف فرحان أطباق المؤكلات وأنواعها.
المفتش فصيح: وهو خبير في اللغة يبين الفصاحة في لغة الضاد.يحل المشاكل التي تحدث.
وأيضا : سلوى والفنون، القارئة سريعة، المكتشف العبقري، قصص للذكرى، كتاب قصيرا جدا.

شارة البداية:
‘”هذه لغتيِ فوق الشفةِ كالاغنيةِ..المناهل..
هيا إلى المناهل..هيا إلى الحياة..
هيا إلى المناهل..هيا إلى الحياة..”‘

أحلى الكلام: هو برنامج تعليمي من إنتاج شركة بابل للإنتاج السينمائي والتلفزيوني، كان يبث على شاشة تلفزيون العراق – القناة الأولى على شكل حلقات منفصلة، كل حلقة بعنوان خاص بها، تم عرضه لأول مرة في سنة 1986م، وفكرة البرنامج تدور حول أستاذ لغة عربية يقضي يومه المتعب في تدريس اللغة العربية، وما إن يخلد إلى النوم حتى يراوده حلم جميل وكأنه يطير على بساط الريح إلى مدينة القواعد، ليتعرف على ملكة المدينة، فتأخذه في جولة داخل أزقة المدينة وشوارعها ويتعرف هناك على شخصيات تاريخية لها صلة بعلم النحو والإعراب، ومن خلال الحوار بين الشخصيات يتم طرح أسلوب تعليمي مبسط يتناول قواعد اللغة العربية، وتصحيح الأخطاء الشائعة المستخدمة في اللهجة العراقية المحلية، إضافة إلى الفقرات الترفيهية في البرنامج والرقيب اللغوي على أخطاء السيناريو لغويا. المصدر: ويكبيديا

أشهى الموائد في مدينة القواعد: هو مسلسل تعليمي موجه إلى جميع فئات التلاميذ، من النشء إلى طلبة الجامعات الذين يدرسون اللغة العربية, كما أنه يخاطب جمهورا واسعا وعريضا من الأمهات والآباء وكل راغب في تعليم قواعد اللغة أو مهتم بها . يهدف المسلسل إلى تعليم قواعد اللغة العربية وبيان طاقاتها وجمالياتها في الكلام والأدب. وكان المنهج المتوخى للوصول إلى الأهداف :
أولا : التعليم

أ:  استند المسلسل إلى تظافر الطريقتين الكلية والجزئية في تعليم اللغة العربية . فنظم قواعدها عبر المستويات الثلاثة : الحروف (22 حلقة) – الكلمات (64 حلقة) – الجُمل (67 حلقة) . وأحاط هذه المستويات بالمواقف الكلامية المتنوعة التي تُخرج القواعد إلى حيز التطبيق.

            ب:  عمل المسلسل على بيان الأسس التألقية التي تختص بها اللغة العربية من نزوع حروفها نحو تأليف خاص حتى يصل الأمر إلى اكتشاف القواعد المتحكمة في هذا التآلف .

ثانيا:  بيان الطرق الكلامية والأدبية ثم بناء خط تراثي يلتقط المواقف التي تستعمل فيها القواعد ليتبعها في التراث الادبي والفني والعلمي.

استعان فريق الإخراج بكل الوسائل المتاحة للوصول إلى هدفه التعليمي مستخدما أساليب وتقنيات تجعل هذا المستوى مقبولا كصورة تلفازية متسارعة في إيقاعها العام , وباختصار فقد وضعت المعلومة في إطار من المفارقات والمواقف الكوميدية الممتعة لكي تصل إلى عين المشاهد وأذنه بأسرع ما يمكن , كما ان إنتاج مسلسل استراتيجي كهذا المسلسل يجعلنا نعي متطلبات المستقبل , فهذا المسلسل لم ينتج ليعرض مرة ويتم ركنه, بل أخذ منتجوه في الحسبان بقاؤه محتلا لموقعه على الشاشات عقدا من الزمان او اكثر حتى تأتي حقبة أخرى تردفه بإنتاج آخر .

شارة البداية:
كلامُنا لفظ مفيد كاستقم ** اسم وفعل ثم حرف الكلِم
به ابتدأنا أمّة ** به حفظنا ديننا ** تراثنا به سلِم

قام بتنفيذ الإنتاج شركة عشتار للإنتاج التلفازي بالعراق. والبرنامج إنتاج مشترك مع الأستاذ محمد عبد الغني ياغي.) الشرق الاوسط للإنتاج والتوزيع الفني( . المصدر: موقع مؤسسة الإعلامي للإنتاج والتوزيع الفني (بتصرف)

الحديقة الساحرة:  “الحديقة الساحرة” و”جنة الاطفال” من البرامج التي أنتجها التلفزيون الجزائري الموجه للأطفال، يجمع بين التربية والترفيه والأنشودة الجميلة “ما أجمل الجو هنا” والمهرجين “نعناعة وبلوطة”!.. من تنشيط ماما نجوى. وذلك بداية من سنة 1976 ثم تغير اسم البرنامج لاحقا إلى “نادي الأطفال” حيث أصبح البلاتو أكبر بتفاعل وحوار أكثر مع الأطفال ثم على نفس المنوال أنتج التلفزيون الجزائري برنامج “هيا يا أطفال” من تقديم وفاء لغواطي ثم ليندة ياسمين “طاطا ليندة” وسمي حينها ببرنامج “استراحة الإثنين” وكان يبث في التسعينات.

أكيد يوجد برامج أخرى أنتجتها شركات إنتاج من مختلف الدول العربية، وخاصة تلك التي لقيت دعما من مؤسسات الدولة والهيئات المموِّلة، ونحسب أن تلك النهضة الإنتاجية باتت تزاحمها الآن برامج جديدة من إنتاج عربي، لكن ذات لمسة وروح غربية، وهذا قد يؤثر سلبا على المتلقين الصغار، ويظل البحث عن الهوية شغلا يشغلنا، ويدفعنا لإعادة النظر في الإنتاج التلفزيوني الموجه لهذه الشريحة الحساسة من المجتمع، ولكي لا يقع أبناؤنا في نفس الإشكال الذي عانت منه طفولتنا ولاتزال.